مميز
EN عربي

السلسلة: تاريخ التشريع الإسلامي

المدرس: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
التاريخ: 14/06/2010

13- الإمام أبو حنيفة...منهجه و تلامذته

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس الثالث عشر: الإمام أبو حنيفة...منهجه و تلامذته


خلاصة الدرس 13 تاريخ التشريع الإسلامي.

مازلنا في الدور الرابع الذي وجدت فيه المذاهب الأربعة ونحن الآن نتكلم عن الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه.

الإمام أبو حنيفة لم يترك من ورائه مؤلفات كما فعل الإمام الشافعي من بعد وغيره لكن أصحابه نقلوا عنه آراءه الاجتهادية ودوّنوا آراءه الفقهية المختلفة وذكروا منهجه في الاجتهاد.

يقول الإمام أبي حنيفة عن نفسه: إنني آخذ بكتاب الله فما لم أجده فيه أخذته بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فإذا لم أجد فيهما أخذت بأقوال الصحابة آخذ بقول من شئت وأدع قول من شئت – عند اختلافهم في المسائل – ثم لا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم , فإذا انتهى الأمر إلى ابراهيم النخعي والشعبي والحسن البصري وابن سيرين فلي أن أجتهد كما اجتهدوا...... هذا هو منهجه رحمه الله تعالى في الاجتهاد.

هنالك من يتهم أبو حنيفة بقلة الحفظ والرواية ولم تكن له بضاعة في الحديث؟! وهذا كذب فقد صح أنه رحمه الله تفرد برواية مئتين من الأحاديث فضلاً عن الأحاديث التي اجتمع مع المحدثين الآخرين في روايتها.

الاجتهادات التي تميز بها أبو حنيفة عن اجتهادات الأئمة الشافعي ومالك وأحمد :

تميز الإمام أبي حنيفة بالاستحسان وقد اتبعه في ذلك أصحابه, لكن ماذا تعني كلمة الاستحسان؟ مضمونها هو ذاته الذي ينادي به الأئمة الثلاثة الآخرون لكن الإمام أبي حنيفة طاب له استعمال هذا المصطلح.

نذكر بعض الأمثلة التي اعتمد عليها على ما يسميه الاستحسان :

يقول في باب الحدود : إذا شهد أربعة أشهاد على شخص بارتكاب الفاحشة فاختلفت أقوالهم في وصف الفاحشة , واتفقوا على ارتكاب الفاحشة مالحكم: قوله عليه السلام : " ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" قال الإمام أبي حنيفة بعدم قبول شهادة الأشهاد لاختلافهم , إذاً تعرضوا للحد ثمانين جلدة , فنتيجة هذا استصدم الحكم بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم",

السبب في انتشار مذهب أبي حنيفة على حساب معاصريه على الرغم من أنهم لا يقلون عنه علماً وفقهاً من أمثال النخعي وعلقمة بن قيس والأوزاعي وحماد شيخ الإمام وعطاء بن رباح.

أولاً :الإمام أبو حنيفة أول من اشتغل بالفقه الفرضي ( الأرأيتيين ) فقد كان يفرض الوقائع وإن لم تقع يتأمل فيها ويعطي كل منها حكم وإن لن تقع، وهذا طبعاً يعطي فقهه غزارة وسعة لاسيما عندما يكون هذا الإمام خبير بعلم الاجتماع والمشكلات التي ينتج بعضها من بعض، فهو لا يفرض المستحيل بل المتوقع حدوثها.

الشيء الثاني: شاء الله أن يكون الإمام أبي يوسف قاضياً لثلاثة خلفاء المهدي، الهادي ثم هارون الرشيد وسمي قاضي القضاة، والإمام أبو يوسف هو تلميذ الإمام أبو حنيفة فيقضى على مذهبه والمدونات التي دونت على مذهبه. وكان فقه الإمام أبو حنيفة أول فقه مذهبي.

السبب الثالث: تدوين تلامذته لاجتهاداته كالإمام محمد فقد دوّن ما سمي بظاهر الرواية فلقد كان للإمام تلاميذ هم أئمة أفذاذ قيدهم الله له فكانوا يكتبون ويدونون فتاويه واجتهاداته ولم يهيئ ذلك للأئمة الآخرون.

أبرز تلامذته: أولهم أبو يوسف واسمه يعقوب بن ابراهيم ولد عام 112 هجري, اشتغل أولاً بالحديث وذهب إلى الحجاز فتلقى الحديث هناك عن علمائه حتى إن منهم من نعته بالمحدّث ثم تحول من أخذ الحديث إلى الفقه فكان أستاذه الأول عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان واحداً من فقهاء الرأي , ثم اتجه إلى الإمام أبي حنيفة وأخذ منه 18 عاماً, كان الإمام أبي يوسف فقيراً مقلاً لما تتلمذ على يد أبي حنيفة رضي الله عنه واساه وأعانه بالمال على أن يستمر في طلبه للعلم حتى تخرج عالماً من أجل علماء هذا العصر جامعاً بين الحديث والفقه, وهو أول من دون مذهب الإمام أبي حنيفة ونشر علومه المختلفة.

اجتهادات الإمام أبي يوسف: هنالك من كان يقول عنه أنه كان معروفاً بالحيل الشرعية فقد كان يؤمن بالحيل الشرعية وهذا سبب إطالة ألسنة بعضهم في الحديث عنه, حين نعود إلى أيامه لا نجد من انتقده على خلاف هذا العصر فما أكثر من ينتقدونه هل كان هؤلاء الأساطير من العلماء لا يتمتعون بالغيرة على الشريعة الإسلامية, الواقع أنهم أكثر منا غيرة وتمسكاً بالشريعة الإسلامية..

هل كل ما يسمى بالحيل الشرعية مرفوضة : لا.. قد يكون الشارع هو الذي بصّرنا بالطريق إليها فنحن نسلك فيها ما دلّنا عليه الشارع جل جلاله أما الحيل التي تتلاعب فيها بالشرع تفتئت بها عليه فهذه هي الحيل الباطلة التي لا يجوز أن نجنح إليها.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة