الفتوى رقم #7769
التاريخ: 02/01/2011
المفتي: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
أسئلة في العقيدة حول كتاب كبرى اليقينيات الكونية 3
التصنيف:
العقيدة والمذاهب الفكرية
السؤال
ذكر العلّامة الدسوقي في حاشيته على (أمّ البراهين ص 100) عند قول السنوسي:
[فالقدرة صفة تؤثر في إيجاد الممكن وإعدامه] مسألة وهي قوله ما نصّه:
بقي شيء آخر وهو أنّ ماهيات الأمور الممكنة وحقائقها وقع فيها خلاف: فقيل إنها بجعل جاعل مطلقاً أي أنّها مخلوقة للمولى تعلقت بها قدرته فأحدثها من العدم للوجود, وقيل: إنها ليست بجعل جاعل مطلقاً بل هي متقرّرة وثابتة في نفسها أزلاً!! وإنّما تعلّقت بها القدرة فأظهرتها بالوجود لخارج الأعيان بحيث صار يمكن رؤيتها. فالقدرة لم تؤثر في الماهيّة بل في إظهارها فقط, فالجاعل لك يجعل المشمش مثلاً مشمشاً بل جعل المشمش موجوداً !!
وقيل: إنّ الماهيّة البسيطة كالجوهر غير مجعولة والمركبة كالجسم مجعولة.
ثمّ قال الدسوقي: إذا علمت ذلك فقول الشارع (تؤثر في وجود الممكن) ولم يقل (تؤثر في ذات الممكن) ظاهر في أنّ الماهيّة غير مجعولة بل هي ثابتة متقرّرة في نفسها أزلاً, والقدرة تعلّقت بإظهارها بالوجود خارج الأعيان !! فهي بمنزلة ثوب مخبّأ في صندوق تفتح الصندوق وتخرجه منه..
ثمّ قال: وميل المصنف لهذا القول مما يدلّ على أنّه مما لا يختصّ بالمعتزلة والفلاسفة إذ لو كان مختصّاً بهم لما مال إليه كما هو اللائق بمقامه والمناسب لحاله مِن الرد على من خالف أهل السنّة خلافاً لبعض الحواشي حيث نسب هذا القول للفلاسفة والمعتزلة فقط.
ثمّ قال: واعلم أنّ هذا القول لا يضرّ اعتقاده وإن لزم عليه تعدّد القدماء, لأنّ المضرّ القول بتعدّد القدماء من الذوات الموجودة في الخارج لا الثابتة في نفسها).
ما تعليقكم ورأيكم سيدي؟ فهو كلام مشكل.
الجواب
من المعلوم بداهة أن بين الوجود والعدم تناقضاً, لا تضادّاً. أي إنّ إثبات أحدهما نفي للآخر فإذا نفينا الوجود فقد استقرّ العدم المطلق. والعكس صحيح, وعليه فإذا قلنا إنّ قدرة الله أوجدت الممكن, فمعنى ذلك بالضرورة أنّه كان قبل ذلك معدوماً عدماً مطلقاً إذ هذا هو نقيض الوجود. وإذا كان الشيء معدوماً فلا ريب أنّ ماهيّته معدومة معه, إذ يستحيل وجود ماهيّة الشيء مع انعدام الشيء ذاته.
إذن فالقول بانفكاكهما عن بعض, وبأنّ الجعل تعلّق بإيجاد الشيء لا بإيجاد ماهيّته التي كانت موجودة وحدها من قبل, كلام باطل يتنزّه العقلاء من قوله.