مميز
EN عربي

الفتوى رقم #56521

التاريخ: 10/04/2017
المفتي: الشيخ محمد الفحام

كيف أوفي والدتي حقها

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نسأل الله ان يعجل بالفرج على اهل الشام وبعد:ساداتي تأملت كيف ينبغي ان اكون في حياتي عند قيامي بالواجبات تجاه الاخرين متسائلا هل ينبغي ان اطيعهم لأنفسهم لما اجد فضلهم علي ام ينبغي ان تكون طاعتي لهم فقط عبادة لله وحده دون ذكر احد غيره، فنظرت باحث عن اكثر الناس علي فضلا فوجدته ام ثم تأملت فوجدت انني ادين له بالطاعة دون ان اذكر الله لكنني عندما تأملت فوجدت انه لم تقدم لي شيئ من نفسه وكل ما بي وبه هو فضل الله سبحانه وتعالى فالله اولى بان اطيعه لا اشرك بطاعتي له امي اليس كذلك؟ لكن وجدت ان امي قد بذلت جهدا في ولادتي ورعايتي فوجدت نفسي ادين له بالطاعة مرة اخرى الا انني عندما تأملت في نفسي فوجدت انني لا املك شيئ ﻷقدمه له فاذا اردت ان اعطيها شيئ فمن ملك الله وبالله اعطيها فهذا الجهد الذي بذلته امي فالله سبحانه وتعالى يثيبه ولا املك له شيئ.اذا انا عبد لله وحده وبطاعتي ﻷمي لا ينبغي ان اذكر الا انني اعبد الله مخلصا له فهل هنالك من خطئ قلته في ما تأملت به؟ ولكن وجدت ان هنالك امور ليس محرمة الا انني عندما افعله لا اذكر انني اعبد الله فيه مثلا كأكل طعام تتوق لي نفسي ولربما لا اكون جائعا فكيف افهم هذا الامر؟؟ وجزاكم الله خير

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته , وبعد؛ فإنه ليس هناك عبادةٌ لذاتِ الشخصِ أو ذاتِ الشيء وإنما عملٌ وخِدْمة وبر وإحسان لذات الله تعالى وبمعنى أوضح هو التزامٌ بما أمَرَنا سبحانه فنحن حينما نَخْدُم الوالدين أو نمشي في قضاء حاجة عباد الله تعالى أو نسعى في كفاية مَن حولَنا بتجارة الدنيا والمشي في مناكبِها لكفايةِ مَن أُمِرْنا أنْ نَعُولَهم إنما نُطيعُ الآمرَ بذلك ألا وهو اللهُ ربُّ العالمين فلا غُلُوَّ إذا قلنا طاعةُ الوالدين مِن طاعةِ ربِّ العالمين لأنه هو الذي أمرنا بذلك. ومثل ذلك يقال في حق أهل الفضل , فلما يُسدونَه مِن مَعْروف نَذكرهم بمعروفهم ونُثْنِي عليهم بذكرِ فضلِهم عملاً بقوله تعالى: (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لم يَشْكُرِ الناسَ لم يشكرِ الله) وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن أسدى إليكم معروفاً فإنْ لم تَستطيعوا أنْ تكافئوه فادعوا له وأثنوا عليه) فمَن لم يعترفْ بفضل ذوي الفضل يُعدُّ عاصياً لمخالفته الأمرَ الإلهي فإخلاصُ العبادةِ نابعٌ مِنْ إخلاصِ العملِ الذي كُلِّفْتَ به وإلا لَلَزِمَ أنْ نَرُدَّ الكثيرَ من الشواهد الصحيحة مِن أشهرها قولُه صلى الله عليه وسلم: (فاللهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيه) لذلك فلو شُغِلَ الولدُ العمرَ كلَّه في خدمة والديه لا يُعدُّ شُغْلُه غفلةً عن طاعة اللهِ تعالى أو تقصيراً في حقِّه سبحانه ذلك أن طاعتهما طاعةٌ لله تعالى الآمر بقوله: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) فقَرنَ توحيدَه بالإحسان إليهما , مِن أجلِ هذا قال العلماء: لا تنفع العبدَ طاعتُه لربه مع عقوقه لوالديه. فاطمئنَّ بالاً واعلم أنَّ المغالطةَ التي أقلقَتْكَ لا يقعُ في شَرَكِها إلا جاهلٌ بمعرفةِ الحكم أو قاصر عن فَهْمِ حكم الله تعالى. همسة أخيرة؛ أَنْصَحُ بصحبةِ الصالحين من الفقهاء العاملين ومذاكرتهم في أي إشكالٍ يَعْتريكَ فالحوارُ أجدى فائدةً وأوفى لفهم كلِّ سؤال.. مع الرجاء بصالح الدعاء.