مميز
EN عربي

الفتوى رقم #56135

التاريخ: 04/01/2017
المفتي: الشيخ محمد الفحام

كيف أصلح قلبي؟

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

كيف أصلح قلبي حتى يكون (سليم)؟ لأني أشعر بالوحشة والبعد عن الله، وأريد واحتاج الصلاح والأنس بالله. ضروري جدًا.

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه وبعد؛ فإنَّ القلبَ السليم هو الذي عرف ربَّه قبل كلِّ شيء بالرضا بما قضى (أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه, وأنَّ ما أخطأه لم يكن لِيُصِيبَه) فيُسَلِّم فيما قدَّره عليه منعاً وعطاءً بيقين أنَّه ما منع إلا لحكمةٍ أرادها, وما أعطى إلا لرحمةٍ ارتضاها, فإذا سكَنَ إلى مجاري الأقدار حظيَ بتجليات الغفار, وفَهِمَ عن المولى الجبار أنَّ أداءَ الحق هو الحقُّ, وأنَّ سلامتَه في نجاةِ آخرتِه هي الثمرةُ التي ينبغي أنْ يَحْصُد زرعَها, وزرعُها هو ما يترتَّبُ على صاحبه رعاية تُربتِه من الآفات المتلفة, والعاقل مَن يستثمر دنياه لآخرته ولايقف عند جزئيات الحياة وهو يَعْلَمُ أنها أوهامٌ تتلاشى عند الموت لقاء العبد الفريد الأكيد الوحيد, وعليه؛ فالغافلُ مَن يقعُ في شَرَك الحياةِ الآنيَّة ناسياً الحياةَ الأبدية غيرَ مُنْتَبِهٍ إلى خطرها وجلالها كما الإشارة إلى هذا المعنى في قول سيدنا عليٍّ كرم الله تعالى وجهه ورضي عنه: ( الناس نيام فإذا ما توا انتبهوا) من أجل هذا فَسَّر أهلُ الله القلبَ السليم في قوله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) بالقلبِ العارفِ الذي سلِمَ من آفات الشواغل بالورع والوفاء والإخلاص, فالأول؛ بعدم الإيذاء, والثاني؛ بعدم التأذي مِن أحد, والثالث؛ بعدم انتظار مُقابلٍ ممَّن يُسدي إليهم المعروف لأنهم عباد الواحد الأحد. ختاما؛ تزوَّدْ بزاد المصطفى الذي ارتضاه المولى الجليل أسوة حسنة للعباد بقوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) فكان من هَدْيِه الشريفِ لما سُئِلَ عن أفضلِ الناسِ فقال: (كلُّ مخموم القلبِ صدوقِ اللسان) قالوا: صدوقُ اللسان نَعْرُفه, فما مخموم القلب؟ قال: (هو التقيُّ النقيُّ لاإثم فيه ولابَغيَ, ولاغلَّ ولاحسد) فالنَّقِي: النظيف ظاهراً وباطناً, والبغيُّ هو المستطيلُ على غيره. فاللهم! اجعلنا في رحاب السلامة الناهضة دنيا وأخرى يارب العالمين