

الفتوى رقم #56131
التاريخ: 04/01/2017
المفتي: الشيخ محمد الفحام
إيماننا بالله يقتضينا عدمَ الغفلة عن هذه الحقائق
التصنيف:
السؤال
السلام عليكم… علمائنا ورثة الانبياء جزاكم الله تعالى كل خير .. اما بعد .. انا طالب ثانوي عندي من العلم الشرعي القليل ..انا الان في حالة خيبة كبيرة و حالة ضياع و تشتت .. فعندي صديق قد كان من المتفوقين بالدراسة و كان يدرس كثيرا للبكلوريا لكن قبل الامتحانات توفي والده ورسب بالبكلوريا .. انا مؤمن بالقضاء و القدر لكن ايضا مؤمن بقول اكرم المرسلين سيدنا محمد .. تفاءلوا بالخير وتجدوه و بالحديث القدسي انا عند ظن عبدي بي و بالحديث القدسي انا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه رواه احمد… ألا يوجد تعارض ?!… فصديقي كان متفائل ومتوكل على الله واريد ايضا معرفة دعاء او طريقة اضمن معونة الله لاني في السنة القادمة بكلوريا واخاف ان تنخفض معنوياتي وان يحصل لي كمثل ما حصل لصديقي…. اتمنى الرد السريع وجزاكم الله كل خير
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعد فإني أبدأك بالدعاء أنْ يختار الله تعالى لك الخير ويرضِّيَك به, فهذا هو الأصل في مفهوم الدعاء أنَّ المولى الكريم يستجيب لعبده فيما به صالُحه,.. لكن لابد من همسةِ لطيفة تُذَكِّرُنا بحقيقة المطلب وهي أنَّ قضية الدعاء في الأصل قضيةٌ عبادية لإيقاف العبد على أعتاب العبوديةِ لمن خلقه وصوَّره وأنعم عليه وأحبَّ أنْ يُرَقِّيَه في معراج الفهم عنه بالطلبِ منه على قاعدة التقرُّب والأنس به والحاجةِ الماسةِ التي لايستغني عنها عبدٌ ذاق طعم الإيمان في نظام التحقق بقول السيد الأعظم صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً) فإيماننا بالله يقتضينا عدمَ الغفلة عن حقائق عِدَّة, الأولى؛ أنه ربٌّ ونحن عبادُه, والثانية؛ أنَّه (فعّالٌ لما يُريدُ) بحُكم أنَّه المالكُ لما خَلَقَ ومَن خَلق على وجه الحقيقة, والثالثة؛ أنه أدرى بما ينفعنا ويُصلحنا وبما يَضُرُّنا ويُفسدنا, والرابعة؛ أنه إذا مَنَعَ مَنَعَ لحكمة, وإذا أعطى أعطى رحمةً, والخامسة؛ أنَّ مَنْعَه عطاءٌ لأنه الربُّ الجليل الذي يُربي خَلْقَه, ولو لم يكن مِن المنع إلا قِطافُ ثمرةِ الوصول إلى المأمول من الرضى عما قضى لكفى إغناءً, لذلك لابد من الأدب بين يدي ذي الجلال, واليقينُ أنَّ المتبصِّرَ يدرك هذا المعنى بعنصر حقِّ اليقين أنه: (وأنَّ إلى ربِّك الْمُنْتَهى) فلاتظنَّنَّ أنك ممنوع من رِفده سبحانه لأنه ماطلب منك الدعاء إلا وقد ضمن لك الإجابة لكن في الوقت الذي يريد لافي الوقت الذي تريد وكيفما يشاء لا كيفما تشاء, أجل!. من هنا قال السيد الأعظم عليه الصلاة والسلام كما في الترمذي والحاكم: (ما على الأرضِ مُسلمٌ يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله تعالى إياها, أو صرفَ عنه من السوء مثلَها, أويدَّخرُ له من الأجر مثلَها, فقال رجلٌ من القوم: إذاً نُكثر _أي من الدعاء_ قال: (الله أكثر) أي أكثر إحساناً. وكما في الصحيحين: (يُستجابُ لأحدكم ما لم يعجل؛ يقول: قد دعوت ربي, فلم يستجبْ لي) فينبغي القيامُ بحقوق العبودية فندعو ربنا عبادة وتوكلاً عملا بقوله سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) وبقوله صلى الله عليه وسلم: (الدعاء مخُّ العبادة) أي هو خالُصها لأنَّ الداعي يدعو الله تعالى وهو يعتقد أنَّ الأمرَ كلَّه بيد الله تعالى وذلك حقيقةُ التوحيد والإخلاص كما يُشير سيدي الشيخ المحدث عبد الله سراج الدين عليه الرحمة. فاللهم اختر لنا الخير ورضنا به