مميز
EN عربي

الفتوى رقم #5607

التاريخ: 17/09/2010
المفتي: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي

التبرؤ من فتوى في العقيدة

التصنيف: العقيدة والمذاهب الفكرية

السؤال

قرأت في موقع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي -قسم الفتاوى يجيب به على السؤال التالي( تعوَّد أناس في الصومال على إثارة مسألة الجهة، حتى أدت إلى تراشق الاتهامات بالكفر والابتداع والفسوق فيما بينهم، حتى تمزقت صفوف الشباب، هل يجوز أن يعتقد مسلم أن الله على العرش بذاته أو حقيقة كما يقولون؟ علماً أن جمعاً غفيراً من الشباب الذين تلقّوا تعليمهم في المملكة العربية السعودية ينادون ببدعية من لا يقر ذلك، بينما علماء الأشاعرة الذين يمثلون السواد الأعظم في الصومال، يلقون كلمة "البدعة" على من يعتقد الجهة، إضافة إلى ذلك فبعض العلماء يعلّمون الأطفال مثل هذه المسائل "أين الله؟" ثم يجيب الطفل "الله في السماء بذاته"، والأَعجَب من ذلك أن شيخاً جليلاً قام للمحاضرة وهو يقول "كيف يعبد الله من لا يعرف أين إلهه - وهو يرد على شيخ آخر أفتى بأن من يعتقد الجهة لله هو ضال منحرف -، إذاً انطلاقاً مما ذكرت أرجو من فضيلتك أن ترسل لي رداً يشفي الغليل ويبدد الظلام. وما رأي السلف الصالح؟ وما معنى حديث الجارية؟ وما تقول لهؤلاء الذين يشككون دائماً ولايعالجون ويمزقون ولا يوحدون؟ وماذا تقدم لنا من النصيحة؟ * إن الله استوى على عرشه وبذاته، تلك هي عقيدة السلف وعقيدة الإمام الأشعري، وهو صريح القرآن. ولكن هذا لايستلزم نسبة الجهة إلى الله، فالاستواء معلوم والكيف غير معقول كما قالت أم سلمة والإمام مالك، وإنما تكون الجهة نتيجة لثبوت الكيفية، وهي مستحيلة على الله. * وإذا قيل لنا أين الله نجيب بما أجاب به الله فقد قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ} وقال: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَه} وقال: {مَعَكُمْ أَيْنَما كُنْتُمْ} والتقاط آية واحدة من هذه الآيات دون غيرها عبث بالقرآن، كما أن تأويل بعض منها دون بعض عبث أيضاً بالقرآن. إذن فمجموع هذه الآيات تناقض نسبة الجهة إلى الله. لأن معنى كون الله موجوداً في جهة، عدم وجوده في غيرها، ولايقول ذلك في حق الله إلا أحمق استوى في إدراكه الغبي الصنمُ والآلهة المزيفة التي قد تُعبد من دون الله، والمحصور وجودها في جهات معينة، والإله المعبود بالحق الذي يقول عن ذاته: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَه} ويقول: {مَعَكُمْ أَيْنَما كُنْتُمْ}. إن الجهة مكان. والله هو خالق المكان، فكيف يكون بعض المخلوق حاصراً للخالق ومحيطاً به؟ بل كيف يكون محتاجاً إلى ما هو محتاج إليه؟ تعالى الله عن هذه الضلالات علواً كبيراً. و السؤال هل يصح ايراد كلمة بذاته مع أنها لم ترد عن السلف ولا في القران أو السنة وهل زيادتها تعني التجسيم او التجسيد أم أنها زلة كما قال بعض العلماء من الدكتور لا يتابع عليها.ملاحظة أريد الجواب سريعا من فضلكم وجزاكم الله خيرا

الجواب

لا أذكر أنني أجبت عن سؤال يتعلّق بأناس في الصومال, وأخشى أن يكون أحدهم قد أجاب سائلاً ما باسمي. على كلّ مذهب جمهور السلف هو تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } على ظاهره, أي دون تأويل, وليس في السلف من قيّد هذه الجملة القرآنية بكلمة (بذاته), ومن ثمّ فلا داعي إلى ذكرها, على أنّ ذكر هذا القيد إن كان القصد منه الاحتراز عن تأويل المتأخرين باستواء سلطانه أو حكمه مثلاً فلا حرج من ذلك. ثمّ إننا نثبت لله ما أثبته لنفسه من الاستواء والعلوّ, وننفي ما لم يثبته لذاته من الجهة. ونقول إنّ الله في السماء كما قال ولكن ننفي عنه الجهة لأنّه لم يثبتها لنفسه, وهذا كلامٌ واضحٌ لا يجهله عاقل. والخلاصة أننا نثبت لله تعالى كلّ ما أثبته لذاته وننفي عنه ما لم يثبته لذاته, هذا بقطع النظر عن وجود الدليل العقلي على بطلان الجهة في حقّه تعالى.