الفتوى رقم #55462
التاريخ: 22/07/2016
المفتي: الشيخ محمد الفحام
التوفيق بين حديث فطوبى للغرباء .. وحديث إني أحب فلاناً فأحبوه
التصنيف:
السنة النبوية وعلومها
السؤال
السلام عليكم كيف نوفق بين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اخر الزمان حديث فطوبى للغرباء )هم اناس قليل صالحون من يبغضهم في الخلق أكثر ممن يحبهم( وقوله صلى الله عليه وسلم )إذا أحب الله عبدا نادى مناد ان الله يحب فلانا فاحبوه ) وجزاكم الله كل خير
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعدُ؛ فإنَّه بأدنى تأمُّلٍ لحرفِ الحديث نُدْرِكُ المعنى المراد والذي هو الإشارة إلى شرف المحبوب أنَّ مُحِبَّهُ إنما هُمْ أهلُ القَبولِ عند اللهِ تعالى في مُقدِّمَتِهم أهلُ الملأ الأَعلى من الملائكةٍ, وغيرُهم من أهلِ الخصوصيَّة الذين شَرُفُوا بالطاعة وأُعيذُوا مِن ظُلْمَةِ المعصية أهلِ الضياءِ والنور, مَن ينظرون بنورِ الله تعالى فَهُمُ المقصودون في الحديث أنهم يُحِبون مَنْ أَحَبَّهُ اللهُ تعالى, وكذلك أولئك الصالحون في أرض التكليف الذين شَرُفُوا بحبِّ اللهِ وتقواه, فكانوا هُمْ أصحابَ هذه المزيَّةِ التي حُرِمَها مَن أظلمَ قلبُه فغَدا في زُمرة أهلِ الضلالِ فاسدي الذَّوق بنقص الإيمان, والذين هم على هذا التوصيف بمجموعِهم لا يُساوون عند الله جناح بعوضة, وأما أولئك الكرام من أهل المعرفة فلاشك أن الواحد منهم بأمةٍ. هذا؛ ولو ذهبتَ تُحصي عددَ أهلِ الملأ الأعلى لَعجزت عن ذلك كلَّ العجز لكثرتهم الكاثرة. ولعلَّه آنَ الأوانُ أنْ نَسْتَعْرِضَ الحديثَ على ذلك المعنى المقصود, فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله تعالى إذا أَحَبَّ عبداً دعا جبريل فقال: إني أحبُّ عبداً فأحْبِبْهُ, فيُحِبُّه جبريل, ثم ينادي في السماء, فيقول: إن الله يحِبُّ فلاناً فَأَحِبُّوه, فيُحِبُّه أهلُ السماء, ثم يوضَعُ له القبولُ في الأرضِ, وإذا أَبْغَضَ عبداً دعا جبريلَ, فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغِضْهُ, قال: فَيُبْغِضُهُ جبريلُ, ثمَّ يُنادِي في أهلِ السماء؛ إنَّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه, قال: فَيُبْغِضُونَه, ثم تُوضَعُ له البَغْضاءُ في الأرضِ) ولَعَلَّكَ أَدْركْتَ الرابطَ بين الحُبِّ والقَبول, أن مَنْبَعَ الحبِّ السماءُ, وأما ثمرتُه في الأرض فهي القَبُولُ فالجموع الشريفةُ في السماء هي المنطلق في القبول وعَدَمِهِ, فمَن أحبَّه اللهُ تعالى أحبَّه كلُّ من ذاق طعم المحبة الإلهيَّة. جعلنا الله منهم وأيَّدَنا بنورهم وشرفنا بذكر أسمائنا في ديوانهم آمين. مع الرجاء بصالح الدعاء