الفتوى رقم #54036
التاريخ: 10/12/2015
المفتي: الشيخ محمد الفحام
أثر كل من الهم والخاطر في الحديث النبوي
التصنيف:
السنة النبوية وعلومها
السؤال
كيف الجمع بين الحديثين من هم بالسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنه كاملة.. والحديث الاخر انما الدنيا لاربعة نفر ....,. اخر لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقل لو عندي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء. في الاول نوى وما عمل اخذ حسنة وفي الثاني اخذ وزر عال مجرد النية جزاكم الله خيرا
الجواب
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على مُعَلِّمِ الناسِ الخيرَ رسولِ الله وبعد؛ فإنَّ الفَرْقَ بين الأمْرين؛ أنَّ الأول مرتبط بالهمِّ وقد عزف عن إرادة السيئة بمعاكسته فكانَّ الهَمُّ بالإعراض عن المعصية طاعةً فاقتضى أنْ يَكتب له عليها ثواب, ذلك أنه؛ (إنما الأعمال بالنيات) وفي بعض الأثار؛ (نية المؤمن خير من عمله) وفي رواية (أبلغُ من عمله) لذا قال بعض الشراح عند قوله صلى الله عليه وسلم: ((....ومَنْ هَمَّ بسيئةٍ فلم يعملها) بأنْ تركها لِوَجْهِ الله تعالى لا لِنَحْوِ حياءٍ أو خوفِ ذي شَوْكَةٍ أو عَجْزٍ _ولو قدر لفعل_ أو رياء _أي ترك الفعل لأجل الناس_ لأنه بذلك يأثم, فتركه للمعصية ينبغي أن يدل على رجوعه عن العَزْمِ عليها لله, فجوزي بالحسنة. هذا؛ ولو تأمَّلنا جملة الحديث التي قَبْلَها أي؛ قوله صلى الله عليه وسلم: (فمَنْ هَمَّ بحسنةٍ فلم يعملْها كتَبَها اللهُ تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة...)) أدركنا المعنى, ذلك أنَّ الشُرَّاحَ يقولون: لأنَّ الهمَّ بحسنةٍ سببٌ إلى عملها وسببُ الخير خير، وأما الخَطْرةَ التي تخطر ثم تنفسخ مِنْ غير عزم ولا تصحيح فليست كذلك. أما الآخرُ أي صاحب الوزر المشار إليه في الحديث الآخر فبعكسه تماماً ذلك أنَّه عَقَدَ العزم على فعل كذا وكذا من المخالفات لو وجد السبيل إلى ذلك فكان عزمُه أعلى مراتب القَصد والذي هو العزم الذي يُسألُ العبدُ بمقتضاه ويُحاسبُ عليه يوم العرض على مولاه والله تعالى أعلى وأعلم.