مميز
EN عربي

الفتوى رقم #52246

التاريخ: 12/02/2015
المفتي: الشيخ محمد الفحام

كيف أسمو بإرادتي لأنفذ ما أمر الله به وانتهي عما نهى عنه

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم على شيوخنا الأفاضل ألقي السلام , و إليهم أكتب : أريد أن أتصرف كمسؤول غداً عن حياته,فأنا سؤسأل عنها فعلاً,فهل من مساعدة... أريد أن أعلو بإرادتي لفعل مأمور به و ترك منهي عنه فوق إرادة حيوان يشم رائحة لقمة تعجبه فلا يهدأ إلا ليراها فيأكلها بعد عناء من البحث الدؤوب , ثم ينام هنيء العين مرتاح البال لا يشغله واجب لم يفعله بعد, فهل من مساعدة..."

الجواب

أخي الكريم؛ قف بدايةً في محراب البيان الإلهي: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمواتِ وَالْأَرْضِ وَالِجبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمْلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوْماً جَهُوْلاً) وما قاله المفسرون في تفسير الأمانة بأنها التكاليف التي كلَّفَ اللهُ تعالى بها عبادَه بدءاً بالعبادات الذاتية كالصلاة, وانتهاءً بالمتعدِّية كالإحسان والبر وصلة الأرحام وحسن الجوار وعون العباد. ثم تأمل معي قوله تعالى: (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ) لتسأل نفسك لِمَ لَمْ يقل وحملَها المؤمن؟ والجواب واللهُ تعالى أعلمُ أنه ما كان المؤمنُ يوماً من الأيام ظلوماً ولا جهولاً أي كثير الظلم والجهل وعليه؛ فالمعنى أنَّ الإنسان لا يمكن أنْ يتكامل شأنُه إلا بالإيمان ليُحْمَلَ عنهُ عوناً وسنداً إلهيا يصحبُه التوفيقُ والسداد والرشاد فيكون حَمْلُهُ للأمانة بالله تعالى هو الضابط للأداء لأنه عنوانُ سلامةِ العقيدة, وبها البناء الدعوي لامتداد النفع, وذلك هو المنطلق لمطالب التقوى المنشودة في كتاب الله تعالى بقوله سبحانه: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) المفَسَّرَة بقوله تعالى: (فَاتَّقُوْا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) المترجمة ببذلِ الطاقة جُهْدَ الاستِطاعَةِ فيما يرضي اللهَ تعالى وهو الاعتصامُ بحبلِ الله تعالى _أي عهده_ والشكر على نِعَمِهِ والتي أعلاها نعمةُ الدين مجسداً بالقولِ والعمل في نظام الانتظام بما أمر سبحانه ونهى, مع الدلالة على ذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. ودونك المعنى الجامع للتقوى منقولاً عن سيدنا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه(أنْ يُطاعُ اللهُ تعالى فلا يُعْصَى, ويُذْكَرَ فلا يُنْسَى, ويُشْكَر فلا يُكْفَر. فالأول؛ كالصلاة والصيام وكلِّ فرض عيني يستوجبُ تركُه وعيداً كَبِرِّ الوالدين وصِلَةِ الأرحام, وحقِّ الغير بحفظ أمانته. الثاني؛ بالالتزام بالأوراد مع الصلوات الراتبة دائماً لا سيما صلاة الفجر كالذكر والباقيات الصالحات, والختم بالدعاء لكَ وللمسلمين عامةً دُبُرَ كلِّ ورد إلى ختم اليوم بأدعية النوم وأذكاره عند إسلامِ النفسِ لبارئها سبحانه مع الالتزام بورد يوميٍّ لتلاوة القرآن حرصاً على بركة الختمات الضامنة بإذن الله تعالى استجابةَ الدعاء. الثالث؛ شُكْرُ المنعم بإجلال نِعَمِهِ شكراً قولياً وفعليا, فالأول؛ كقولك: الحمدُ لله عند مقابلة كلِّ نعمةٍ مِن مَطْعَمٍ ومَشْربٍ ومَلْبَسٍ, وغيرُ ذلك كثير, والثاني؛ كالمشي في حاجةِ أخيك بإمداده إمكانَك. وخلاصةُ القول؛ هو أنْ تعطي كلَّ جارحة حقَّها من الطاعة بدءاً باللسان وانتهاءً بالجَنانِ فلا تتكلمَنَّ إلا بخير ولا تَظُنَّنَّ إلا خيراً فذلك هو العملُ المرغوبُ والشأنُ المطلوب, والقيدُ المحبوبُ عند علّامِ الغيوب سبحانه, وفي الحديث القدسي الصحيح: (..وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضْتُ عليه, وما يزال عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ, فإذا أَحْبَبْته كنتُ سمعَهُ الذي يسمعُ به, وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به, ويَدَهُ التي يَبْطِشُ بها, ورِجْلَهُ التي يمشي بها, وإنْ سألني أَعْطَيْتُهُ, ولئن استعاذَني لأُعيذَنَّه) في الختام؛ أسأل الله تعالى لك التوفيق والثبات والرشاد وأنْ يجزي الخيرَ على يديك بنور الإخلاص وسرِّه, وضياءِ الصفاء وجوهره آمين. لاتنسني من دعواتك المباركة.