مميز
EN عربي

الفتوى رقم #51468

التاريخ: 29/12/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام

تفسير دعاء اللهم اني اسالك بنور الانوار الذي هو عينك ..

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم هل بالامكان تفسير الدعاءالتالي: "اللهم اني اسالك بنور الانوار الذي هو عينك ان تريني وجه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم كما هو عندك" جزاكم الله خيراً

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته, وبعد؛ فإنَّ في الصيغةِ المذكورة إشارةً إلى معنى من معاني الآية الجليلة في سورة النور: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ومعلومٌ أنَّ مِن أسمائه الحسنى سبحانه (النور), وفي الحكم العطائية؛ "الكونُ كلُّه ظلمةٌ وإنما أنارَه ظهورُ الحقِّ فيه فمَن رأى الكونَ ولم يشهدْه فيه أو عنده أو قبلَه أو بعده فقد أعْوَزَهَ وجودُ الأنوارِ وحُجِبَتْ عنه شموسُ المعارفِ بسُحُبِ الآثار" يقول سيدي الشهيد السعيد في شرحه على الحكم: "أي؛ هذه المكوَّنات التي تراها أعينُنا وتُدركُها عقولُنا, إنما تتآلف وتتلاصق أجزاؤها الدقيقة بواسطة نورٍ داخلي يَسري فيما بينها. ومصدرُ هذا النور هو اللهُ عزَّ وجلَّ ذلك لأنَّ هذه المكونات لم توجد بذاتها وإنما وُجِدتْ بإيجادِ الله تعالى لها بل لا يستَمِرُّ وجودُها إلا باستمرارِ اتصال القدرة الإلهية بها ومدِّها باستمرارية الوجود لحظةً بلحظة" هذا؛ وجوهرُ الكلامِ إنما يُشير إلى تنزيه الحق عن النقائص. ومعنى الدعاء؛ أسألُكَ باسمٍ من أسمائك الحسنى يارب العالمين والذي هو من جملة الأدعية المباركة المشتقَّة من دعائه صلى الله عليه وسلم (..أسألك بكل اسم هو لك أنزلته في كتابك أو سمَّيت به نفسك أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك أنْ تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي..)الخ الحديث. أما طلبُ رؤية النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم فهو مطلبٌ مرغوب ومشروع يُترجم مكنونَ قلبِ المؤمن المحبِّ من الشوق إليه صلى الله عليه وسلم بعنصر الفطرة السليمة وتشويق الحق بالوعد باللقاء على متن النجاةِ شفاعتِه والشربِ مِن حوضه الشريف بيده الشريفة في واقعِ التعلُّق بصاحب الفضل الأكبر عليه الصلاة والسلام. ناهيك عن أنَّ رؤيتَه صلى الله عليه وسلم وعدٌ حقٌّ بموعود الحق جلَّ جلالُه كما في البخاري؛ (من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتخيَّلُ بي..) وفيه أيضاً؛ (من رآني فقد رأى الحقَّ). ومعنى كما هو عندك أي على كمالِ صورته, وهذا لا يتأتَّى إلا بأمرين, الأول؛ كمالُ التقوى, والاتباعُ لسنة الهادي صلى الله عليه وسلم على نظام الحبِّ الخالص له صلى الله عليه وسلم, والثاني؛ كثرةُ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فإنَّ بها قرعَ بابِ ذلك الطلب الجليل من الله تعالى عبر وسيلة لا ترُدُّ إطلاقاً ألا وهي ثمرةُ عملٍ جليلٍ ندبَنا إليها ربنا ببيانه الكريم وبتوجيهٍ عظيم لا يحيد عنه إلا غافل قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وحثَّنا عليها سيِّدُ الوجود الرسولُ الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله: (مَن صلى عليَّ مرةً صلى الله عليه بها عشرة..) وهل أعلى مقاماً من أنْ يذكر اسمُك في ذلك المقام الأسنى؟ فاللهمَّ؛ أعِنا على مقدِّمات تلك الثمرات المباركات علَّنا نعيشُ أنسَها مع أهلها في الأجواء العَلِيَّاتِ بمعيَّة سيد السادات عليه أفضلُ الصلوات وأكملُ التسليمات, وأرِنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حالاً ومآلاً يقظةً ومناماً, واجعلْ نوره يملأُ قلوبَنا ويشرحُ صدورَنا بنظام كماله ونورِ حالِه يارب العالمين. مع الرجاء بصالح الدعاء