مميز
EN عربي

الفتوى رقم #47801

التاريخ: 29/08/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام

الصبر على البلاء أم طلب العافية

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اذا ابتلي العبد ابتلاء معينا , هل الأفضل أن يدعو الله مباشرة عقب نزول البلاء به ؟ أم يصبر على هذا الابتلاء رغبة في كسب المزيد من الأجر لقوله تعالى : انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب , و قوله تعالى : و اصبر و ماصبرك الا بالله , و الآيات في فضل الصبر كثيرة و الذي لفت نظري أكثر هو قوله صلى الله عليه و سلم للمرأة التي سألته أن يكشف الله عنها الصرع فقال لها ان شئت دعوت لك و ان شئتي صبرتي و لك الجنة فهل الحديث أعلاه كان خاصا بتلك المرأة ؟ أم يمكن أن يشمل بقية العباد بحيث ان كان بامكانهم الصبر فهو أفضل ؟ و أيضا ابتلاء أيوب عليه السلام , نعم أن ابتلائه دام زمنا ليس بالقصير , لكن فهمت من دعائه في سورة الأنبياء رب أني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين أنه صبر الى أن زادت شدة ألم البلوى فدعى بهذا الدعاء فاستجاب المولى له مباشرة بقوله فاستجبنا له و كشفنا مابه من ضر

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وبعد أخي لِنعلم أننا عبيد إحسان لا عبيد امتحان فسؤال اللهِ تعالى العافيةَ مع العفو هو الأصل، وأمرُ الصبر على البلاء حاصلٌ ابتداءً. وينبغي العلم بأن اختيار المرأة الصبر على البلاء جاء بعد ما طلبت العافية, ولما خُيِّرَتْ من قبل النبي صلى الله عليه وسلم كانت مهًّيأة لذلك فاختارت الصبر مع طلب السِّتر بأن لا تتكشَّف بالمسِّ. فكانت بعدها إذا شعرت بأثر البلاء تعلَّقت بأستار الكعبة داعية راجية دافعةً سوءَه بالله قائلة اخسأ يا لَعين فيخنس عنها وكان ذلك من كرامتها. وأما سيدُنا أيوب عليه السلام فهو ذلك المعصوم الذي بلغ مبلغ الشهود الحق للحكمة والقدرة فكان حياؤه نابعاً من مقام شهوده ولما سألته زوجتُه السيدةُ رحمة رحمها الله تعالى أنْ يسأل الله الغفارَ علًّل عدمَ السؤال بحيائه من مقام الربوبية حيث قال: بما معناه استحي من الله أن أسأله العافية قبل أن أبلغ مدة بلائي بعد رخائي فهو نابع من حيائه. هذا؛ وربما يَنْطِقُ أهلُ الحب بما لا يستطيعون كمن نطَق أحدهم بحقٍّ في حالٍ من الجذب "كيف ما شئت فاخبرني" ولما ابتُلي ولم يصبر جعل يقول للصبيان "ادعوا لعمكم الكذاب" لكنَّ الحقيقية الكامنة في قلبه من جذبة الحب تشفع له ولم يكن يقصد التحدي أو الادعاء ولكنها كما يقول أهل الله هي حالة اصطلام . فَسَلِ اللهَ ربَّ الأنام العفو والعافية على الدوام, وأنه إنْ أطال عليك مدة البلاء أنْ يُعنيك على الصبر بثمرة الرضى مع الاحتساب لأنه هو الآمر بقوله: (وَاصْبِرُ) وهو المخبر بقوله: (وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ) ثم إنَّ أجلى مظهر لذلك المعنى الشرعي على التحقيق والتحقق والافتقار دعاء النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في الطائف: (اللهم إليك أشكو ضَعْفَ قوّتي وقِلَّةَ حيلتي وهَواني على الناس, يا أرحم الراحمين أنت ربُّ المستضعفين وأنت ربي, إلى مَن تَكِلُني إلى بَعيدٍ يتَجَهَّمُني أمْ إلى قريبٍ ملَّكْتَهُ أمري إنْ لم يَكُنْ بك غضبٌ عليَّ فلا أبالي ولكنَّ عافيتَك هي أوسعُ لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمرُ الدنيا والآخرة مِن أنْ تُنزلَ بي غضبَك أو يَحُلَّ عليَّ سخطُك. لك العُتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك) فاللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ... مع الرجاء بصالح الدعاء.