مميز
EN عربي

الفتوى رقم #45885

التاريخ: 27/04/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام

الوساوس العارضة للمؤمن إنما هي محض إيمان

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

سلام الله عليكم أشكركم على هذا الموقع الجميل و المفيد أتمنى أن تساعدني في مشكلتي منذ فترة و أنا أعاني من الوسواس القهري في الكثير من الأشياء و أحاول التغلب عليه لكن دون جدوى المشكلة أنني عانيت كثيرا من حديث النفس الداخلي بسب الله و رسوله -أكثر ما يحب أي مسلم على وجه هذه الأرض- فمثلا البارحة أتاني وسواس داخلي يسب الله تعالى ، و لم أنطق بأي كلمة ، لكن أعاني من تعب فكري شديد ، أشعر انني مذنبة و أنني سببت الله علانية ، صارت عندي حالة شك رهيبة أشك في كل شيئ ، لا أثق بما قلته ، لا أعرف طعم الراحة و الطمأنينة ، يوجعني قلبي كثيرا أخشى أن يكون الله عاضبا مني . صرت أخاف أن أنطق يوما بهذاالحديث الداخلي خصوصا عندما أقرأ أحكام من سب الله و الرسول جهرا و وجوب قتل من سب الرسول أحس بخوف شديد جدا . في كل مرة أقول أنني سأنسى و سأتغلب على هذا الشك و سأحاول أن أقنع نفسي أنني لم أفعل شيئا لك لكن سرعان ما أرجع إلى دائرة الشك و الحيرة و ها أنا هنا مازلت أعاني و لا أعرف إن كنت قد أخطأت أم لا

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة؛ إنَّ من عظيم رحمة الله تعالى بعباده أنه لم يطالبهم بما لا يطيقون وما أنتِ فيه هو فوق الطاقة وخارجَ دائرةِ الوُسعِ فربُّنا يقول: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) ويقول أيضاً: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) ثم إنَّ المعوَّل عليه خوفُكِ الظاهرُ وحرصُكِ البيِّن على رضا المولى سبحانه وهذا ما يُزعج الشيطان فيدفعُه إلى تشويشِ بالوسواس الخناس من أجل إبعاد العبد عن دائرة صلتِه بربه. من هنا ذكر العلماء أنَّ أصلَ الوسواس التقوى لأنه عَرَضٌ يَعْرِضُ على التَّقي إنْ شَغَلَ نفسه به انحَدَرَ إلى ما يُسمى الوسواس وإذا أعرض ولم يكترث وعاش شأنه مع ربه ارتقى إلى مقام الورع لذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال: (ذاك محض الإيمان) فأقول: اطمئنِّي بالاً فإنه أمرٌ لا يحاسب الله عليه مالم يكن نابعاً من إرادة العبد الكاملة دون وسواس ولا تشويش وبعقلِه السليم دون اضطراب فنطَق بها اعتقاداً وتبنِّياً وتحدِّياً فهنا يُحكَم عليه بالكفر أما أنتِ فبلاؤك قهريٌّ كما قد أسلفتَ وهو من المعفوات ولا يقال لك إلا كما قال النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم لمن تساءَل كما تساءلتِ (ذاك محض الإيمان) لذا كان الدواء الناجع في عدمِ الاكتراث وعدم الاهتمام على الإطلاق. تذكري أنَّ مولاكِ أرحمُ بكِ من نفسك فلا تخافي ولا تحزني وكُلَّما أَشْعَركِ الوسواسُ الخنَّاس بذلك تعوَّذي منه ثلاثاً يقولك: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) وبقولك ثلاثاً: (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم) وبقولك ثلاثاً: (أعوذ بالله من همزات الشياطين وإن يحضرون) ثم اتْفُلِي عن يسارك ثلاثاً إلى غيرِ جهة القِبْلة ثم اختمي تعوذَّك ذاك بهذه الصيغة:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير) وأقولها بيقين لا تثريبَ عليك وإنْ ظننتِ أنك فعلتِ أو نطقتِ أو شعرتِ انك كَفَرْتِ فأنتِ مؤمنةٌ بيقين في حكم الله وشرعِه وأقول أيضاً: لما أمرنا الله أنْ نحاربَ الشيطانَ ونتخذه عدواً أعْلمنا أنَّ أقوى محاربةٍ له في عدم الاهتمام به وفي التوجه إلى من هو القادر على أن يحجزه عنا تأملي معي بيان الله تعالى لتحدي الشيطان في حق عباد الله (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) قال قتادة: "أتاك يا ابنَ من كلِّ وجهٍ غير أنه لم يأتك من فوقِك لم يستطع أنْ يحول بينك وبين رحمة ربك. هذا؛ ويُعينُكِ على راحة البال أنْ تعلمي أنَّ الاهتمام هو المعصية, وأنَّ عدمَه هو الطاعة لأن في ذلك مخالفةً للشيطان قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ختاماً؛ دونَك هذا الدعاء النبوي كحِرزٍ دائمٍ وحِصْنٍ آمن إنْ شاء الله تعالى, عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعُ هؤلاء الكلمات حين يصبح وحين يمسي (اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي, اللهم استر عوراتي, وآمن روعاتي, اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي, وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي, وأعوذ بك أن أُغتال من تحتي) أسأل الله تعالى لي ولكِ العافية التامة والطمأنينة العامة وراحةَ البال بحفظ الله تعالى وأمْنِه وأمانه آمين. مع الرجاء بصالح الدعوات