مميز
EN عربي

الفتوى رقم #44694

التاريخ: 08/03/2014
المفتي: الشيخ محمد الفحام

كيفية فك السحر وإتقاءه

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم شيخنا محمد الفحام حفظه الله ..عندي سؤال ضروري لو تكرمتم..لو عمل إنسان لي سحر فكيف السبيل لفك هذا السحر..أياً كان السحر ...وهل تكفي آية الكرسي والمعوذتين والأذكار والقرآن... وهل تقوى الله تعالى تمنع السحر..وإذا كانت التقوى تمنع السحر فكيف سحر سيد المتقين سيدنا رسول الله... وبشأن فتح النصيب للزواج ما هو الفوائد التي تنصحونا بها جزاكم الله خيراً على مجهودكم الطيب وأسأل الله لكم القبول والجنان الخلد

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول وبعد؛ أختي الكريمة حفظكِ الله تعالى وتولاّك, نَعَم! التقوى أولاً والتقوى آخِراً, والتقوى دائماً, ولا أصدقُ من قوله تعالى في بيانه الأزلي: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) وما البلاءُ إلا حكمةُ المولى الجليل لكشف حقيقة المصداقيَّة في تقوى العبد, ومَبْلَغِ سُموِّه لدى مولاه سبحانه, ومُرتقاه الذي ما ينبغي أن ينتهي استقرارُه إلا في (مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) هذا؛ وما ابتلاءُ السيد الأعظمِ صلى الله عليه وسلم بشتى أنواع البلاء إلا لإبراز ثمراتِ التقوى بعظيم افتقار المتقي, وانجذابِ قلبه إلى النافعِ الضار, الخافضِ الرافعِ, المعطي المانعِ, اللطيف الخبير, الحكيم الشافي, سبحانه وتعالى. أجل؛ لقد سُحِرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم, ثم عافاه الله بعظيمِ رجائه ومضاعفةِ تَبَتُّلِهِ وجلالِ توجُّهه وتفويضِه, كلُّ ذلك تعليماً لنا وتوجيهاً إلى الأسوة السامية, للتعرف على مبادئ التفاعلِ بالأدب مع المشيئة الإلهية إذا قُدِّرَ بالمؤمن البلاءُ, ونزل به الداء. يُذكِّرنا هذا بشأن الصحابية المباركة أمِّ زُفَر التي ابتُليت بمثل ما ذكرتِ فكان من شأنها العَجَبُ, ومن صبرها المثلُ الأعلى. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمكة فجاءته امرأةٌ من الأنصار فقالت: يا رسول الله؛ إنَّ هذا الخبيثَ قد غَلَبَني, فقال لها صلى الله عليه وسلم: (إن تصبري على ما أنت عليه تجيئيني يوم القيامة ليس عليك ذنوب ولا حساب) قالت: والذي بعثك بالحق لأَصْبِرَنَّ حتى ألقى الله.., ثم قالت: إنِّي أخاف الخبيثَ أنْ يجرِّدَني... فدعا لها صلى الله عليه وسلم, فكانت إذا خَشِيَتْ أنْ يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلَّق بها فتقولُ له: "اخسأ فيذهب عنها". وعن عطاء قال: قال لي ابنُ عباس رضي الله عنهما: ألا أُريكَ امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بلى, قال: هذه السوداء أتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصْرَعُ, وأنكشف, فادع الله لي, قال: (إنْ شئتِ صبرتِ ولك الجنة, وإنْ شئت دعوتُ اللهَ لكِ أنْ يعافيك) قالت: لا, بل أصبِر, فادع الله أنْ لا أنكشف, ولا ينكشف عني, فدعا لها. ألا فلنقِف بتأمل عند إرادتها الصبرَ والتسليم, كيف أنها قطفت ثمارَ صبرها في الدنيا فغلبت شيطانَها, وغَنِمَتْ سلامتها في الآخرة بالوعد بالجنة وعداً مبرماً من لسان الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم, وعليه؛ فالصبرُ على البلاء يورث العافية بالعفو, والجنة بالوعد الصادق المصدوق. قال الحافظ ابنُ حجر في فوائد هذا الحديث: فيه أنَّ علاجَ الأمراضِ كلِّها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير, وأنَّ تأثيرَ ذلك وانفعالَ البدن عنه أعظمُ من تأثير الأدوية البدنية, ولكنْ إنما ينجعُ بأمرين؛ أحدِهما من جهة العليل وهو صِدقُ القصد, والآخرُ من جهة المداوي, وهو قوةُ توجُّهه وقوةُ قلبِه بالتقوى والتوكل. هذا؛ ومن جوامع أدعية الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم (اللهم اقسِمْ لنا من خشيتِك ما يحولُ بيننا وبين معاصيك, ومن طاعتِك ما تُبَلِّغُنا به جنتَك, ومن اليقين ما تُهَوِّنُ علينا به مصائبَ الدنيا, ومتِّعْنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أَحْيَيْتَنا, واجعلْه الوارثَ منا, واجعل ثأرَنا على من ظلمَنا, وانصرنا على مَن عادانا, ولا تجعل الدنيا أكبرَ همِّنا, ولا تُسَلِّطْ علينا من لا يرحمنا). وخذي هذا الدعاء لبعض صالحي هذه الأمة؛ "يا باسطُ _عشر مرات_ ربِّ أبهِجْني بإدراكِ سريانِ الأفراحِ في الموجودين برزقِ الباطنِ والظاهرِ, إنك أنت اللهُ باسطُ الرزق والرحمة, يا ذا الجودِ الباسط يا ذا البَسْطِ والجودِ ابسُطْ لي من رزقِك ما يكفيني, ومن رحمتِك ما يُغْنيني يا أكرمَ من كلِّ كريم يا ألله يا أرحمَ الراحمين, اللهم؛ اجعلني من الفَرِحِين بما آتاهم الله من فضلِه يا ربَ العالمين. آمين." مع الرجاء بصالح الدعاء.