الفتوى رقم #44454741
الحد الأدنى من صلة الرحم
السؤال
هل أصل أرحامي كعم أو خال مع ما فيهم من مشكلات لا ترضي الله ورسوله
الجواب
الأصلُ في صلةِ الرَّحِمِ والقرابَةِ أنها واجبٌ شرعيٌّ لا يَسْقُطُ بحال لكن ربما يتوقف العمل به أو يؤجل في حال الخوف من المشاركة بمعصية، أو العونِ على فعلِها، وما سوى ذلك فهو داخلٌ في دائرةِ ما أَوْجَبَهُ الشرع على الواصل الذي يأثم بتركه، أما ما يَتَعَلَّقُ بما له مِنْ حَقٍّ، أنهم إنْ قَصَّروا فيه أدّى ما عليه مِنْ واجبٍ وسألَ اللهَ حقَّه تَعَبُّداً ذلك أنَّ الأصلَ في الصلةِ أنَّها قُرْبَةٌ إلى اللهِ تعالى يُؤْجَرُ عليها الواصل، فإذا احْتَسَبَ أَجْرَهُ عند اللهِ أُجِرَ مِن الله سبحانه وتعالى بما هو أهله.
وهنا يجدر القول: إنْ قَطعوكَ فَصِلْهُمْ، وإنْ آذَوْكَ فلا تُقَلِّدْهُمْ، وإنْ مَنَعُوكَ فلا تَمْنَعْهُمْ، تَنَلْ خيرَ الجزاءِ مِنْ ربِّ السماءِ سبحانه الذي وَعَدَ وهو لا يُخْلِفُ وعْدَهُ لِعظيمِ فضلِه وكَرَمِهِ وقد قال سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ) وقال سبحانه بالمقابل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وفي ذلك يُوَضِّحُ السَّيِّدُ الأَعْظَمُ عليه الصلاة والسلام لِسائِلِهِ عن ظُلْمِ ذوي قَرابَتِهِ فيما أخرجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله! إنَّ لي قرابةً أَصِلُهم ويَقْطَعُوني، وأُحْسِنُ إليهم ويُسيئون إليَّ، وأَحْلُمُ عليهم ويَجْهَلُون عَلَيَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنْ كنت كما قلتَ، فكأَنَّما تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ _الرماد الحار_ ولا يزالُ معكَ مِنَ اللهِ ظهيرٌ عليهم ما دُمْتَ على ذلك)
هذا؛ ويكفيك _كما قال الفقهاء ابتداءً السؤالُ عنهم والاطمئنان عليهم عبر الاتصال من وقتٍ لآخر، وأنْ تُغيثَهم إذا نَزَلَتْ بهم نازلة، مُهيِّأً نفسَك لأَيٍّ من الضرورات الحياتية قد تحاصرهم، وذلك نَوْعٌ مِنْ أنواعِ الصِّلَةِ الهادفة.
وكُنْ على مُسْتَوى الأُسْوَةِ المثلَى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم القائلِ فيما أخرجَهُ الطبرانيُّ في الأَوسط مِنْ حديث سيدِنا عليٍّ رضي الله تعالى عنه: (ألا أَدُلُّكَ على أَكْرَمِ أَخْلاقِ الدنيا والآخرةِ؟ أنْ تَصِلَ مَنْ قطَعَكَ، وتعطيَ من حرمك، وتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ)