مميز
EN عربي

الفتوى رقم #41648

التاريخ: 23/08/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام

التخلص من الغرور والعجب والارتقاء إلى العبودية لله

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم كيف يستطع الإنسان أن يتخلص من الغرور و الإعجاب الذي بنفسه ويرتقي بها إلى عبودية الله

الجواب

بسم الله والصلاة والسلام على من زكاه الله وبعد ؛ فالغرور آفة عرضية من مُفْرَزاتِ العُجْبِ لدى العبدِ قاصرِ النظر عن شهود فعل الرب جلَّ وعزَّ ومعرفة حكمته والأدب بين يدي عظمته وإرادته وأنه هو الفعال لما يريد . فبِعِلَّةِ تلك الغفلة يقع العبد في شَرَكِ الغرور فينسب المليح إلى نفسه والقبيح إلى غيره ناظراً على الدوام إلى عطفيه غافلاً عن إمكان سَلْبِهِ متكئاً على صنائعه ينيح باللّائمة على غيره مطالباً الناس بالاعتراف بحقه متجاهلاً حقَّ غيره كل ذلك لرؤيته القاصرة عن مراقبة الخالق لكل شيئ وهو من أخطر أنواع باطن الإثم نعم , وهذا هو الداء !؟ أما الدواء فهو في عكس ما ذُكِر لأنه عينُ الصواب أي أن لا نغفل عن أن كل ما نحن فيه من ستر الطاعة ولباس العافية هو من عطاء الله عز وجل القادر على سلبه متى شاء فهو المالك الحق , والمعين المتفضل , والمعبود المتفرِّد , سبحانه وتعالى . الواحد الأحد ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً, وقد أنعم علينا بشرعه الحنيف وتعاليمه المنيفة, وعلَّمنا بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي منَّ عليه فقال (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) فإن كان الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم الهادي الأمين وسيد المرسلين وصاحب لواء الحمد يوم الدين قد خوطب بذلك فكيف ينبغي أن يكون لنا؟ لذا فهل بلغك واقعٌ للعبودية أجلى من هذا وقد أشير إليه صلى الله عليه وسلم بأنه تعلَّم مالم يكن يعلَمُ وبذلك عبدَ الله وحمِده وقام لياليَ عُمْرِه كلَّها مفتقراً مُتَبتِّلاً طامعاً بمزيد من العطاء سائلاً مولاه الرحمة معترفاً بعجزه عن بلوغ إعطاء العظمة الإلهية حقها عاكفاً في محراب العبودية بالعبادة الخالصة عبداً شكوراً لمن ارتضاه محلاً لفيض عطائه ومظهراً أسمى من مظاهر كرمه .بعظيم هذا الشهود قال: (أفلا أكون عبدا شكورا )إشارة إلى عِلة الاعتراف بالفضل دون أدنى نظر إلى مقتضى ذلك من الثواب ورجوعا إلى أصل الحكمة الإلهية من ذلك أنه مخلوق لخالقه مملوك لمالكه عبدٌ لمعبوده فقابل ذلك جواب الحكمة بكمال الشكر المقتضي رؤيةَ تصرف المنعم وشهد فضله في الطاعة قبل غيرها . . أقول فإذا أدرك العبد أنه غير مالك لعمله وأنه مرهون بحفظ خالقه مرفوع القدر بتوفيقه مستور بجلباب ستره يدعي الحق لنفسه أم يَرُدُّهُ إلى أصله؟ لعلنا أدركنا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ( أفلا أكون عبداً شكورا ) فهل من العقل أن ننسب ما لربِّنا لنا ونتشوف به على غيرنا ونحن عبيده . ألا فلنتذكر أن من تمام فضله علينا أن خَلَقَ فينا ونَسَبَ إلينا . وعليه ؛ فواقعُنا تقصيرٌ سُتِرَ بكمالات عطاء المولى سبحانه, وفقرٌ سُتِر بإغنائه, وجهلٌ سُتِرَ بعلمه, وضعفٌ سُتِرَ بقوَّتِه, وهكذا كلما تحققنا بواقعنا سُتِرْنا بتجلياته على حدِّ ما قيل تَحقَّقْ بأوصافك يمدَّك بأوصافه, ولا أظن بعدها أن عاقلاً يغترُّ وقد عرف القادر على كل شيئ , والفعال لما يريد والذي (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) فإنْ تحركَتْ فينا نوازعُ النفسِ غروراً لوجود إمكانات مميِّزة ذكَّرناها بدوام حاجتها إلى مَن سَتَرها بما هي عليه من النعم وهو القادر على سلبها وحرماننا منها . ختاما ؛ لا تنس أخا الإيمان أن تكثر من الاستغفار ودوام التبتل للغفار والدعاء فورَ كلِّ عبادة وكثرةَ الشكر مستجدياً منه دوام الستر ليفيض عليك بأنوارٍ تبدد ظلماتِ الأوهامِ ولباس الزُّور, حتى لا تشهد سواه ولا تعبد بخالص التوحيد إلا إياه . مع الرجاء بخالص الدعاء .