مميز
EN عربي

الفتوى رقم #40962

التاريخ: 18/07/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام

غير مواظبة على الصلاة. هل يغفر الله لي

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

عندما نصلي ونترك فنرجع ونصلي فنترك فنتوب على تقطيع وتوصيل في اداء الصلوات المفروضه هل نكون محرومون من مغفرة الله ام ان الله يقبل ويغفر

الجواب

ترك الصلاة معناه الإعراضُ عن الصلة بين العبد وربه والخروجُ من دائرة أنواره لأن "الصلاة نور" كما قال صلى الله عليه وسلم، وتعريضُ الجوارح إلى ما نهى الله عنه لأنه (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ). وهو خسران مبين في معرض القرب من الله والأنس بهداياه والعيش في رحاب عطاياه فالمصلي يذكر الله بمنهج متكامل عَبْرَ كلام ربه وتعظيمه والخشوع بين يديه والخضوع لديه. (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ). تَذكُره في ملأك الأدنى فيكافئك بذكر اسمك إعلاءً لشأنك في ملأه الأعلى. إننا لا نشك في قبول التوبة النصوح وإقالة عَثْرَةِ العاثر في التروك إذا رجع إلى المطلوب، فساحةُ المغفرة رحبةٌ وباب الرحمة مفتوح ولكن ما ينبغي الانتباه إليه هو الخسرانُ الحاصل في التجارة الأخروية عندما يخرج تارك الصلاة من دائرة العناية الالهية ونور الصلة باللطائف العلوية. فليس الشأن ما طَلبتَ بل الشأنُ أن تُطلب ولا يكون ذلك إلا بدوام العكوف في محراب العبودية للمولى إلى آخر نفس لأننا لا ندري متى يَحينُ الأجل، وكيف يكون اللقاء، في الحديث الشريف: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه...)، ولا يكون ذلك إلا بزرع بذور المحبة لله عبر تلك العبادة المباركة [الصلاة] التي هي "معراج المؤمن" فتارك الصلاة في غفلة وظلمة فأنى تُجلى له سُرُج النجاة إذا أتاه ملك الموت وهو غارق في بحر ظلماته. ثم إن مضى العمر مع ماذكر من التركِ مِراراً والعودِ مراراً ترى كم يفوت العبدَ من شؤونٍ سنيَّة مع ربِّ البرية هل تعلم أخا الإيمان أن أهل الجنة درجات؟ منهم مَن هم في ربَض الجنة ومنهم مَن هم في وسطها ومنهم من هم في أعلاها. نعم "ويتوب الله على من تاب" ولكن هَبْ أنك دخلت الجنة فكان حظك منها دون أهل القرب ألا تتحسَّر؟ أقول: بلى فقد ورد (ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها ) أي على ثواب الذكر الذي فاتهم في تلك الساعة نعم لا نشك في قبول التوبة ولكنَّ الخطر أن لا يدرك العبد وقتاً للعَوْد فكم من عبد يموت موتَ الفُجأة مُتلبساً بما يُغْضِبُ الله تعالى فيكون حسرة عليه وقد ورد (يبعث المرء على ما مات عليه) ثم اعلم أخا الإيمان أنَّ أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة الصلاة ففي الحديث (إن أوَّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر...) الترمذي بسند حسن. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: (من حافظ عليهما كانَتْ له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ، ولا نجاةٌ وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وعن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) قال: هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها أي إنه يسأل عن هؤلاء الذين قيل في حقهم: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ) فَسُمُّوا مصلين غير أنهم لما كانوا غافلين عن حقيقتها أُوعِدوا بالويل، والويلُ الهلاكُ أعاذنا الله. فيا سيدي خذ النصيحة بالتَدَبُّر والتَأَمُّلِ والتعقُّل والتَبَصُّر و أقول :نعم نطمع برحمة الله، ولكنْ مع النشاط في الإقبال والهمة في الأعمال و الخشية من ذي الجلال. صلِّ و ارجُ الله القبول "فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" وإياك والعجزَ والكسل فإنَّ "العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" أسأل الله لي ولك ولجميع المسلمين التوفيق و السداد و الهدى و الرشاد و العفو عما سلف و صلةَ الوصل فيم هو آت وحسن الختام على النحو الذي يرضيه و يجعلنا في ركاب سيد السادات صلى الله عليه وسلم فإنَّه (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً).