مميز
EN عربي

الفتوى رقم #40566

التاريخ: 30/06/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام

التفكر وذكر الله تعالى من دون تحريك اللسان

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

اسيادي الكرام حفظكم الله لي اوراد من الذكر من تسبيح واستغفار وتهليل وصلاة على رسول الله وتكرار ايات ومثل ذلك واحيانا بشعور او بلا شعور اتوقف عن تحريك لساني بالذكر واقفل فمي تماما واغمض عيني واظل اردد نفس الذكر في داخلي واعيش مع معانيه بفكري من غير تحريك اللسان, واحيانا اكرر الاذكار في داخلي فقط بفكري مع التركيز على المعاني حتى اعيشها في نفسي وتتشبع نفسي وافكاري بها, وانا سعيد جدا بهذا بصراحة, فهل واجب حتى اؤجر على الذكر ان احرك به لساني مع العلم اني احافظ على تحريك اللسان في اذكار الصباح والمساء الواردة والاذكار الواردة بعد الصلوات المكتوبة ارجو التوضيح وشكرا

الجواب

أخي الكريم لعلَّ سؤالك ذو فرعين: الأول: مطلق التفكر؛ والثاني: الذكر القلبي دون حركة اللسان. أما الأول؛ فهو عبادةٌ جليلة إذا صدق العبد فيها ولج مَيْدان الفكر السامي المتعلق بالعالم السفلي مرتبطاً بالعالم العلوي وأمرِ أعماله ومآله ومعاده كَجَرْدٍ للحساب على نفسه في دار التكليف أن مآله إلى ساحة العرض والحساب علَّه ينجو من عُسره ويفوزُ بيسره وفي ذلك تهييئٌ للداخل النفسي وللحالِ القلبي لتلقي أنوار المواجهة العلوية التي تحُل كتحلية محلَّ التخلية. وفي الحكم العطائية "ما نفع القلبَ مثلُ عزلة يدخل بها ميدانَ فكرة" وما أجملَ ما عبرَّ به سيدي الشَّهيد السعيد بقوله: المراد بالفكرة الاشتغال بالموضوع الذي يقرِّبُه إلى معرفة ذاته ويوقِظه إلى إدراك هويته عبداً مملوكاً لله سبحانه وتعالى، ومِن ثَمَّ يقربه إلى معرفة ربه وصفات الربوبية فيه ومن ثَم يُدْنِيه من محبة الله عز وجل وتعظيمه وتعظيم حرماته. ثم ذكَر من المستندات لحكمة ابن عطاء قوله صلى الله عليه وسلم _حين سأله عقبة بن عامر ما النجاة_ (أمسك عليك لسانَك وليسعْك بيتُك وابكِ على خطيئتك). هذا هو أصل التفكُّر عند أهل الله يضاف إليه التفكر بآلاء الله وإعجازِه في مخلوقاته ليزداد معرفة به وذُلاً بين يدي عظمته. الثاني: هو الذكر بالقلب دون تحريك اللسان أقول ربما يصدق هذا على مَن غليه المعنى فلم يَعُد يشهد سواه عبر بصيرته فانطوى شأن الجارحة الظاهرة بشأن البصيرة النورانية وهذا أمر وهبي لا كسبي ومُحالٌ ادَّعاؤُه، لذا فما دام الأمر مرهوناً بالمِفتاح للدخول في جلال الحُضور هو الأصل فلا بد من حسن استعمال المفتاح، تَأمَّل معي قول السيد الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يزال لسانُك رطباً بذكر الله). ألا يدل على شأن ارتباطه بالقلب بأنَّ ليونة الحركة في اللسان دالة على طمأنينة القلب كما قال جل ذكره: (أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ). أي ألا بذكر الله باللسان تطمئنُّ جملة الجوارح بطمأنينة القلوب ناهيك عن أنك بهذا الأصل تعْطِي جارحة اللسان حظَّها من تلك العبادة إضافةً إلى واقع جمع الكلّ للخلاص من الغفلة فأعْطِ جارحةَ اللسان حظَّها من الذكر بالقصْد الحسن والعزيمة الجامعة علَّك تستثمر بذلك في مدينة الجوارح نوراً شاملاً يجعلك تنطق بنور الله، وتتحرَّك بأمره ويُذكر الله برؤيتك فعَلَّ تلك الجوارح تشهد لك يوم العرض على المولى لك لا عليك. مع رجائي لك بالقبول في الكلّ والله الموفق.