مميز
EN عربي

الفتوى رقم #40377

التاريخ: 18/06/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام

توضيح لعبارات قد يستشكلها البعض

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم هل في من يقول عن رسول الله "اللهم صل على حبيبك سيدنارسول الله محمد شافي العلل مفرج الكروب" من شرك كما يزعم بعضهم؟ خاصة في جزئية شافي العلل ومفرج الكروب, وما معنى قول من يقول بما يسمى "نور سيدنا محمد" وايضا ما صحة قول بعضهم ان الخلق كله خلق من اجل محمد صل الله عليه واله وسلم لان الله خلق الخلق لعبادته وافضل واكمل من ادى العبادة من الخلق هو محمد فهو بذلك علة الخلق, وجزاكم الله خيرا

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ومَن والاه وبعد؛ أخي المحب؛ لو تأمَّلنا الكثير من الآيات القرآنية لوجدنا أن مولانا الفاعلَ الحقيقيَّ والخالقَ الحقَّ للأشياء قد نسب الفعل إلى بعض مخلوقاته على سبيل المجاز فهل يقال: إن هذه النسبة دليل على استقلالية المنسوب إليه الفعل بالفعل؟ أم أنها نسبة سببية للتوضيح وأخرى للتشريف. من ذلك نسبة الاستعانة والتعاضد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). فهل يقال إن المؤمنين شركاء لله في العون أم أنه مظهر سببية تشريفية. ومن ذلك نسبةُ الشفاء لما يخرج من بطون النحل في قوله تعالى: (...فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ) فهل عين الشفاء كامن في العسل أم أن الله ربط أمر الشفاء في تجرع هذا الغذاء؟! فهل غريب أن يُربط، شفاء العلل والكروب بالصلاة والسلام على الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم كسببية شريفة بل من أشرف الأسباب وأعلاها، ونحن نقول "بإذن الله" أجائز نسبة الشفاء إلى العسل وغير جائز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ أقول: هل غاب عن ذهننا كيف تحوَّلت مضارب بني سعد قبيلة السيدة حليمة السعدية بمجرد وجود النبي صلى الله عليه وسلم _وهو رضيع_ بينهم وأعلنت عن ذلك السيدة حليمة حتى تناقل الخبرَ الكلُّ إلى أنْ غدا فصلاً هاماً من أهم فصول إرهاصات النبوة في كتب السيرة النبوية واقرأ إن شئت كلاماً جليلاً في فلسفة هذه القصة لسيدي الشهيد السعيد في كتابه دائم النفع "فقه السيرة" تجد توضيحاً جديراً بالتأمل مرتبطاً بالعقيدة أوثق ارتباط. أما السؤال عن وصف الحبيب صلى الله عليه وسلم بالنور فلسنا نحن الذين وصفنا بل ربُّه سبحانه وتعالى في قوله: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) وقوله سبحانه: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً)، وتأمل معي قوله تعالى:(...وَسِرَاجاً مُّنِيراً) أي أنه نور وضاءٌ يُنير على غيره. وهذا ما لمسه الصحب الكرام على الحس والمعنى. أما سؤالك عن أن الخلق كله خلق من أجله صلى الله عليه وسلم فهي عبارة يتناقلها العامة على ألسنتهم وربما دون معرفة اللهم إلا الإشارة إلى فضل النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة. وأوَّلية فضله بين إخوانه من الأنبياء ولو تأمَّلنا وتدبَّرنا لأدركنا أن المقصود من العبارة إنما هو الإشارة إلى خلاصة النبوة وختم الرسالات عبر بعثته الخاتمة التي ذُكِر شأنُها عند أهل الملأ الأعلى حتى قبل نزول آدم إلى الأرض. بمفهوم قوله صلى الله عليه سلم: (كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد) أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وأبونعيم في الحلية وصححه الحاكم، وفي صحيحي ابن حبان والحاكم من حديث العرباض بن سارية مرفوعاً (إني عند الله خاتم النبيين وإن آدم لمجندلٌ في طينته) إذن فالمعنى قد خلق الله الخلق لأجل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من وحي الله الدال على طريقه وسبيله وصراطه المستقيم لا سيما وأنه سيد الأنبياء وخاتم النبيين. وشريعتُه خاتمة الشرائع وخلاصتها ومشكاتها الواحدة أقول: فكثيراً ما تضيق عبارة المرء بالمعنى أو القصد والجوهر صحيح سليم ومدلوله عقلي ونقلي والله من وراء القصد.