مميز
EN عربي

الفتوى رقم #40025

التاريخ: 23/05/2013
المفتي: الشيخ محمد الفحام

هل يقع الحب في الله بين الجنسين

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

لدي سؤال حول المحبة في الله، فأنا اعرف أنها تعني أن يحب المرء أخاه دون أن يكون هناك أي هدف وراء هذه المحبة، فتكون خالصة لوجه الله. وهؤلاء الأشخاص المتحابون سيكون لديهم منزلة كبيرة عند الله وفقا للحديث . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(المتحابون في الله هم أقواما ياتون يوم القيامة في وجوههم النور ، على منابر اللؤلؤ ، يغبطهم الناس ، ليسوا بأنبياء ولا شهداء . قال : فجثا أعرابي على ركبتيه فقال : يا رسول الله ! جلهم لنا نعرفهم . قال : هم المتحابون في الله ، من قبائل شتى ، وبلاد شتى ، يجتمعون على ذكر الله يذكرونه)... لكن هل من الممكن أن يكون هناك محبة في الله بين المرأة والرجل؟ أم أن المحبة في الله مقصورة على كل جنس ومثيله؟

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد؛ فإنه قد سبق تفصيلٌ ببعض الإسهاب عن جواز مثل هذا السؤال عرضت منه تقسيماً أساساً يتعلق بشأن الحب وأن أصله على إطلاقه وهذا هو المثمر "أي الحب الخالص لله"، وما سواه تبع. والتقسيم هو الحب لله، والحب في الله ،وهذا الأخير هو الذي أشار إليه صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر الحديث، واللافت للنظر أنَّ النَّبي صلى الله عليه و سلم لما ذكر الجمع لم يستثنِ نوعاً من أنواع، أو قوماً من أقوام, أو فرداً من جماعة. وإنما أشار إلى القاسم المشترك بين الجميع في نيل تلك الثمرة يوم القيامة. وأقول: لئن كان البعيد شريكاً في نيل تلك الثمرة فمن باب أولى القريب لا سيما الزوجة التي عُدَّت في الشرع أقرب قريب للزوج، وقد استجلينا ذلك عملياً من شواهد نبوية في أجوبة سابقة، وأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أعلن عن محبته لهن فهل يُتصور أنها لذات الشخص أم لله؟ لعلك تقول: ذاك رسول الله صلى الله عليه و سلم المالك لإربه!؟ وأما نحن فلا يجلى في تصورنا إلا المأرب الخاص. أقول: إنه لا رابط أبداً بين قضية الحب الصافي والشهوة فإنه ما من طرف يحب طرفاً على التعلق إلا والروح هي الأصل في قضية التجانس ولكن لما كان العبد قاصراً عن إيجاد التوازن فيما ابتلي به، جعل الله منهج الشرع هو القوَّام على ذلك. أُحِبُ زوجتي ثم أسائل نفسي هل حبي لها لله أم لشيء سواه؟ فإن رأيتُني أَعزِف عنها وعن النهضة بقلبها عند انتهاء مأربي منها إذن فأنا عندئذ على شفا جرف هار، وإن رأيتني بعد تحقيق الوطر في صلة وازدياد رحمة وانقيادٍ لسنة سيد العباد وأني في علاقتي معها متقرب إلى ربي عبر مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم (وفي بضع أحدكم صدقة). أنه لا يترتب ثواب إلا على عبادة ومعلوم أن المبتغى وجهُ ربه في عمله وعلاقاته المشروعة لا يمكن أن يزداد من الله إلا قرباً ومعلوم أن ذلك لا يتأتى إلا بنور الحب الخالص، علمت أنه هو المطلب السامي الذي ما ينبغي أن يكون إلا نافذةً للحب الإلهي لأنه حب فيه جلَّ في علاه. كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف حبك لي ؟ فيقول : (كعقدة الحبل) قالت: فكنت أسأله: كيف العقدة يا رسول الله؟ فيقول: (هي على حالها). تُرى أفَكان حب النبي صلى الله عليه وسلم بعيداً عن منهج الحب الخالص؟ حاشا وكلا؛ يقول سيدي الجليل الشهيد السعيد رضي الله عنه: "فإن حبه صلى الله عليه وسلم للمرأة عموماً ولعائشة خاصة، كان وسيلة إيضاح عملية لما يجب أن تكون عليه علاقة الرجل بالمرأة في ظل الفطرة والغريزة الإنسانية، والقدوة التي جعل الله منه صلى الله عليه و سلم مصدراً وإماماً لها، لا يتحقق معناها بين الناس بالنصائح والأقوال وإنما يتجسد معناها بالسلوك والأفعال" .اه فليكن الحب خالصاً عبر تقوى الله في المعاملة فإنه ما كان لله فهو المتصل؛ والله الموفق.