الفتوى رقم #3641
حكم السفر لبلد غير مسلم لأجل العمل
السؤال
السلام عليكم الشيخ محمد الفحام .ما حكم السفر لبلد اجنبي غير مسلم للعمل .
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ أخي الكريم! إنَّ السَّفَرَ إلى بلادِ الغرب في الأَصْلِ غيرُ مُسْتَحْسَنٍ لِمَا فيه مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْفِتَنِ، والرِّقةِ في الدِّين بسببِ المغريات وعليه؛ فإنَّ المضطرَّ لأَجْلِ فُرْصَةِ عملٍ ينبغي أنْ يحترزَ لنفسِهِ عبْرَ التحصُّن بزوجةٍ صالحةٍ، وصِلَةٍ قَوِيَّةٍ بربِّه استقامةً على ضوابِطِ الشرع الحنيف، ومراقبةً لربِّه، ومُتابَعَةً لأَعمالِه بمعرفَةِ الحلالِ والحرام، والبُعدِ عمَّا يُضيعُ الوقتَ مِنَ التَّنَزُّهِ فيما لا يَزيدُ المرءَ إلا غفلةً وتهيُّجاً لهوى النَّفسِ وشَهوتِها. كلُّ ذلك شريطةَ عَدَمِ قَصْدِ الهجرةِ مُطلَقاً مِنْ بَلَدِهِ المسلم لا سيَّما الشام تلك التي وردَ أنَّ الخارجَ منها مَطرودٌ، والدَّاخِلَ فيها محروس.
فإذا تعارضَ أَمْرُ الدِّينِ مع السَّفَرِ قُدِّمَ الدِّين لاسيما إذا كان له أبناء وشَعَرَ أنَّهم يَنْحَدِرون عن مُرْتَقَى الأَخْلاقِ وثوابِتِها العقائدية، فإنَّ التهاونَ بمثلِ ذلك مِعْوَلُ هَدْمٍ، خاصةً إذا تقادَمَ الزَّمانُ في ديارِ الكُفرِ وبدأَ التَطَبُّعُ بأطباعِهم، ثم الالتزامُ بمبادئهم وعاداتهم لِيَنْتُجَ عنهم بعدَ جيلٍ أو جيلين ضياعُ الأبناءِ، بل الأُسرةِ بكامِلِهما، وهذا واقع لَمَسْنا آثارَهُ في الأَزْمَةِ، فَكَمْ مِنْ بلاءٍ مِنْ هذا التوصيفِ ابْتُلِيَ به صاحِبُه وضاعَ في حَمْأةِ نارِهم، ثم خسرَ كلَّ شيءٍ، وربما خَسِرَ حتى نفسَهُ، وذلك بوقوعِهِ في أَتُوِن المخالفاتِ بسببِ الغُربةِ، والبُعْدِ عن حِصْنِ الدِّين في دائرته، فَتَدَبَّرْ أَمْرَكَ وتأَمَّلْ، وخُذْ ما تريدُه لدينِكَ ولربِّك، ثم سَلْهُ سبحانه أنْ يختارَ لك الخيرَ ويُرَضِّيَكَ به، ولا تَنْسَ الاستخارةَ بعدَ الاستشارةِ فإنَّه ما خابَ مَنِ استشارَ، ولا نَدِمَ مَنِ استخار.
أسأل الله تعالى أن يُلْهِمَكَ السَّدادَ في القولِ والرشادِ في العملِ ويُعينَكَ على دنياك في الحال والمآل آمين يارب العالمين. مع الرجاء بالدعاء.