الفتوى رقم #3640
إن أكرمكم عند الله أتقاكم
السؤال
الرسالة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رحمكم الله يا من يفتي المستفتين ويرشد المسترشدين نشأتُ غير منسوبٍ إلى قبيلةٍ معيّنةٍ، ولكن قد أُخبرت بأن أحد آبائي أظنه أبا جدي كان يسمى بالطحان، وقد بحثت كثيرًا لأعرف نسبي المطول ووجدت أن في مدينة حلب عائلةً اسمها الطحان، وهي نعيميّةٌ، واسمي الحلبي، فيحتمل كوني من تلك القبيلة. هل يجوز لي أن أنتسب إليها؟ وإن كان الجواب لا فهل يجوز استخدام نتيجة فحص جيني دليلا على النسب المطوّل؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد فإنَّ إثباتَ النَّسَبِ بالعُرِفِ الْمُعْتَبَرِ إنَّما هو التَّوارثُ بالسَّنَدِ مِنْ جِهَة، وعَبْرَ ما اصطُلِحَ عليه بشجرةِ النَّسَبِ الظاهرِ فيها الأصولُ والفروعُ من جهةٍ أخرى، وهذا هو الأصل.
وعليه؛ فما ذكَرْتَ مِنْ سبيلٍ تريدُ إثباتَ النَّسَبِ مِنْ خلالِهِ إنما هو سلاحٌ ذو حدين أولهما؛ أنَّ الإيجابَ فيه سوفَ لا يُسَلِّمُ لكَ به مِنْ قِبَلِ الغَيْرِ، وذلك ممَّا سَيُرْهِقُكَ ويورِثُ فيك الإحباط، وثانيهما؛ وأنَّ السَّلْبَ منه سَيَفْتَحُ عليك مِنَ الأوهامِ والشكوكِ ما يؤذي مَشاعِرَكَ بفتحِ باب التَّخيلاتِ المؤذية مِنْ غيرك. وبناءً على ذلك فلا حاجةَ بكَ إلى فتح بابٍ لا تملك إِغْلاقَهُ بعد ذلك فَضْلاً عن أنَّه لا يُبْنَى عليه حُكْمٌ بحال.
وهنا ينبغي القولُ يا سيدي! بأنَّ أَعْظَمَ نَسَبٍ يَشْرُفُ به العبد إنَّما هو نَسَبُ الدِّين بتقوى الله تعالى حقَّ التقوى وهو القائل سبحانه: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَر وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير)
هذا؛ وقد وجَّهَ السَّيِّدُ الأعظمُ صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقولِه لسيدتِنا فاطمةَ بنتِه وبَضْعَتِهِ رضي اللهُ تعالى عنها وأرضاها بما معناه: «يا فاطمةُ لا يأتيني الناس يوم القيامة بأعمالهم، وتأتوني بأنسابكم، فوالله لا أغني عنكم مِن الله شيئاً» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ألا فليكن اهتمامنا بتقوى الله وما يرضيه عنا في الأقوال والأفعال عسانا نحظى بأفخرِ النَّسَب، لاسيَّما وقد وردَ عنه صلى الله عليه وسلم: «آل محمد كلُّ تقيٍّ»