الفتوى رقم #3493
ماهية نور النبي محمد صلى الله عليه وسلم
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله ما قصد الامام الجزولي رحمه الله في دلاىل الخيرات ( ونورا على نوره الذي منه خلقته)
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد, فإنَّ بيانَ الله تعالى خيرُ دليلٍ للإشارةِ إلى ذلك وهو ظاهرٌ في قولِه تعالى: (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) وفي قوله تعالى: (وَسِرَاجاً مُّنِيراً) فمِنَ الْمُفَسِّرين مَنْ أشارَ إلى النُّور إنَّما هو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقد عدوا النورَ هنا في حقِّه صلى الله عليه وسلم على الحسِّ والمعنى لأنَّه يُهتَدَى به في ظلماتِ الحياة, وأما على الحسِّ فالشواهد كثيرة منها؛ ما رواه الإمام أحمد والبيهقي وابن حبان وابن سعد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (ما رأيتُ شيئاً أَحْسَنَ مِنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, كأنَّ الشمسَ تجري في وجهه) ومنها؛ في الترمذي والبيهقي وغيرهما عن أبي عبيدة محمد بن عمار بن ياسر قال: قلتُ للرُّبَيِّع بنت معوِّذ: صفي لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقالت: (يا بني لو رأيته لرأيت الشمس طالعة) ومنها؛ ما في الترمذي عن الحسنِ بنِ عليٍّ رضي الله تعالى عنهما قال سألتُ خالي هندَ بنَ أبي هالة _وكان وصافاً_ عن حِلْيَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وأنا أشتهي أنْ يَصِفَ لي منها شيئاً أتعلَّقُ به, فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخماً مفخَّماً, وكان يتلألؤ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر) ومنها؛ ما رواه ابنُ عساكر وأبو نعيم والخطيب بسند حسن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت قاعدةً أَغْزِلُ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْصِفُ نعلَه, فجعلَ جبينُه يَعْرَقُ, وجعلَ عرقُه يتولَّدُ نوراً..) الحديث.. والشواهد في ذلك أكثر مِنْ أنْ تُحْصَى وتُحْصر.
وعليه؛ فنورُ النبيِّ الذاتيِّ مِنْ جُمْلَةِ خصائصه صلى الله عليه وسلم التي مَتَّعَهُ بها سبحانه, فهو المعطي بما هو أهلُه ما يشاءُ لِمَنْ يشاءُ ويَزيدُ مِنْ فضلِه وعطائه ما يشاء لِمَنْ يشاء وهو القائل سبحانه (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ) هذا مع ما متَّعَهُ اللهُ تعالى به مِنْ أَمْرِ الارتقاءِ الدائم في معارج الدرجات العُلا, ولا عجب إذا كان مولانا سبحانه يعطي من يشاء بما هو أهلُه فكيف يكون عطاؤه لمن جعله أفضل الخلق على الإطلاق؟؟
ثم إنَّه لا غُلُوَّ في القضية وهو الْمُمِدُّ على الدوام بالنور المبدِّدِ للظلمات وهو القائل: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) هذا والله تعالى أعلى وأعلم.