الفتوى رقم #31368
التاريخ: 28/02/2012
المفتي: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
لم أكن مؤيداً أو معارضاً وإنما محذراً من بلاء أعظم
التصنيف:
أحكام الجهاد والسياسة الشرعية
السؤال
إلى استاذي وشيخي وحبيبي الدكتور العلامة محمد سعيد رمضان البوطي : اود اولاً ان اعبر لكم عن مدى حبي واحترامي لكم الذي لا اجد الكلمات قادرة على وصفه لكم , فكم احبكم بالله وكم ارتاح لرؤيتكم واطرب لصوتكم ولحديثكم الذي يدخل عقلي وقلبي ولكنه حب دون تعصب فهذا ما تعلمته من كتبكم التي طالما وجدت فيها علماً وتربية واعتبرها كنزاً للعلوم الاسلامية بل والاجتماعية ايضاً وأسأل الله تعالى ان يحفظك من كل مكروه ويطيل في عمرك ويمدك بالصحة والعافية لأني اعتبر -بعد عمر طويل- ان رحيلكم للقاء الله عز وجل لنذير شؤم وانه بداية رفع العلم من قبل الله عن هذه الارض وأسأل الله ان يحشركم مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويجعل لك مقعداً في مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة واتمنا يصل لكم هذا الحب الكبير لكم ولكن لا اريد ان اطيل واعتبر مهما كتبت فسأكون مقصراً في حكقكم ومقصراً في وصف ما اشعر به تجاهكم اقول هذا دون رياء او مجاملة ثانياً: اتجه للسؤال وهو اني كنت من الذين وجدوا انكم تريدون الخير لهذه البلدة وتبيان اوامر الله دون اي تدليس او تحريف كل ما اردتموه هو اظهار هذه الاوامر كما هي وتفسيرها على ما ذهب له السلف الصالح خلال الازمة التي نمر بها في سوريا هذا ما عدا اني قرأت كتابكم الهام جدا (الجهاد في الاسلام) قبل الثورات العربية ولكن يجب ان اوضح اني بالاضافة للدوافع الدينية والتي تتمثل بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم الخروج على الحاكم الا اذا كان هناك كفراً بواحاً هناك دوافع اخرى سياسيةوهي اني من المؤيدين لتيار المقاومة والممانعة والنظام الحاكم في سوريا جزءاً من هذا التيار وانا شخصيا كنت ولا ازال احب الرئيس بشار الاسد واجده مقاوم ورجل اصلاحي يريد التغير قدر المستطاع واحترم الرئيس الراحل حافظ الاسد وكذلك حزب الله وحكومة ايران والمنظمات الفلسطينية كافة على انه لا يأخذني هذا التأييد الى الموافقة على اخطاء النظام الذي اقرها الرئيس فلست مع الفساد الموجود في البلاد بالرغم ان الفساد مستشري ليس فقط في مؤسسات الدولة بل في الشارع السوري للاسف لكن يبقى من يحكم هو من يتحمل مسؤولية المحاسبة ولست مع ما هو موجود من تعذيب يمارس تجاه المعتقلين او اي منكر موجود في هذا البلد ويتحمله النظام لكني مع النظام للدوافع الدينية وايضا لأني مع تيار المقاومة ومع الرئيس بشار كرجل اصلاحي فانا ارى بعينين ارى الايجابيات والسلبيت وهنا اقصد تأييدي للايجابيات الا ان اخي -جزاه الله خيرا- وهو يقاسمني حبكم واحترامكم وقراءة كتبكم قال لي يريد النصيحة لله ان موقفي حقيقة موقف سياسي جاء النص الديني موافقاً لهواي او لموقفي السياسي ونصحني ان لا ادافع عن النظام كثيرا بقدر ان اكون ملتزماً فقط باوامر الله لا اكثر نتيجة بعض المنكرات التي تلبس بها النظام ويرى اخي اانا متجهين لفتنة اكبر وستعم الوطن العربي وسوريا لن تهدأ وانه بدفاعي عن النظام في مناقشاتي سواء في النت او في الواقع اضع نفسي طرفاً والرسول صلى الله عليه وسلم طلب منا اثناء الفتن ان لا نشارك مع اي طرف على انه يجب ان اوضح اني لو رأيت كفراً بواحاً لامتثلت لاوامر الله واصبح السبب السياسي لا قيمة له عندي وانه في مناقشاتي اوضح ما اعرفه من حكم الله في قضية الخروج على الحاكم فلا اكتف بالحديث عن ايجابيات النظام وتبيان المؤامرة ولكن ما انا فيه انه لدي دافع سياسي مع الدافع الديني ولكن لا قيمة للسياسي عندي اذا كان هناك كفرا بواحاً واخي يرى ان لا اكون ما انا عليه وقال لي ان اكتفي بالدافع الديني كما قلت لكم لانها فتنة حذر الرسول صلى الله عليه وسلم ان نقف مع اي طرف وخاصة ان النظام وقع بمنكرات اثناء الازمة (وطبعا الثوار وقعوا بالمنكرات ايضا مما لا شك فيه) واوضح اكثر اخي يجد كمراقب لحالتي عندي الدافع السياسي اقوى والدافع الديني فرعي وهذا لب انتقاده لي يضيف لها اننا في فتنة يجب ان نكون حياديين بين الاطراف وانا من جهتي سأحاول ان اخلص النية اكثر ولكن اشهد الله اني كما قلت لو وجدت الكفر البواح لاصبح الدافع السياسي لا قيمة له على اني لا اخفي حبي للرئيس ولتيار الممانعة واما قضية الحيادية بالنسبة لي صعبة لأني اجد اننا لسنا فقط في فتنة بل ايضا في حرب من اسرائيل وحلفاءها بأيادي سورية وعربية اي لا اقدر ايضا رغم المنكرات التي تلبس بها النظام ان اساوي بين الاثنين وخاصة اعلم من يحركهم ويدعمهم لذلك لا اتفق مع اخي بهذه النقطة هذا رأيي يحتمل بكل تأكيد الخطأ وعليه هل انا فعلا مخطيء بدوافعي السياسية ويجب ان اكبحها واني بهذا اخالف الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول اخي ؟ مع تأكيدي اني اسال الله الثبات في التزام اوامر الله بحيث لو وُجد كفر بواح لن يكون الدافع السياسي اي قيمة عندي واني لن اؤيد المنكرات التي يتلبس بها النظام بل فقط تأييد الايجابيات ارجو الاجابة في اسرع وقت
الجواب
ليست المشكلة التي نعاني منها جهلَنا بالموقف الذي يجب أن نتخذه من النظام القائم اليوم في سورية، أهي دولة (مقاومه وممانعة) كما تقول فندافع ونثني عليها، أم هي مثقلة بالأخطاء والانحرافات والظلم فنخرج عليها ونقاومها .. وإنما المشكلة جهلنا العجيب بأن كلاً من أمريكا وأوروبا (استجابة لأمر إسرائيل وإلحاحها) قد رسم خطة لتدمير سورية عن طريق تفتيتها وتحويلها إلى دويلات متصارعة تتغلغل فيها الحروب الطائفية بطريقة جهنمية لا تقبل الخمود، وقد تكفل بدفع النفقات اللازمة لذلك دول عربية خليجية معروفة، فهي ترسل الأسلحة والأموال اللازمة لذلك، ولقد تم تعيين الفريق الذي سيسلم إليه زمام الأمر، لدى وضع هذه الخطة موضع التنفيذ، بعد اجتماعات ومشاورات مع إسرائيل، في تل أبيب وغيرها.
هذه هي المشكلة التي ألفت النظر إليها وأحذر منها، ولا يعنيني أمام هذا الخطر الجهنمي المرعب أن أتحدث عن أخطاء النظام السوري وعيوبه أو عن مزيته كدولة مقاومة وممانعة، ولا أذكر أنني عُنيت بهذا الأمر الثانوي أو رددت كلمة المقاومة والممانعة، أو تسليت بالحديث عن سورية نقداً أو مدحاً، لأنسى أو لأُنْسِيَ الناس الكارثة الإنسانية العظمى التي ستأتي على الحرث والنسل، وتحيل سورية الآمنة، إلى بُرَكٍ من الدماء ولهيب من النيران، وإخوة يتقاتلون ويذبح بعضهم بعضاً.
فافهم يا أخي وليفهم بقية الإخوة من أمثالك حقيقة البلاء الأسود الذي يطرق أبوابنا.